صناعة الناجحين
إن صناعة الطلبة المبدعين صناعة لها قوانينها وأنظمتها وبرامجها الخاصة وطرائقها الثابتة ، وهي والحق يقال صناعة يتقنها المعلم الناجح ، وتجيدها المعلمة الناجحة ، وذلك لطبيعة الأدوار الخلاقة والمثيرة التي يقوم بها هؤلاء المعلمون الذين يتلمسون في طلبتهم بواقع الخبرة والمعرفة وشواهد الحال تميزا وذكاء لافتاً ، وحيوية في التفكير و النشاط تجعل من هؤلاء الطلبة والطالبات محط اهتمام حقيقي من قبل أساتذتهم ومعلماتههم الذين يعملون على دفع هذه الفئة الطلابية المتميزة إلى مواقع إبداعية أفضل تكون مؤشرا حقيقيا على ارتقاء هؤلاء الطلبة إلى مراكز الإنتاج والتميز والعطاء ، وليس من نافلة القول أن نذكر أن حاجة الأمم إلى عطاء هؤلاء المبدعين حاجة ماسة ، فالبناء الحضاري والأخلاقي والمدني على حدٍ سواء ، إنما يُبنى بتوفيق الله على أكتاف أولئك الطلائع المتميزة من أبناء الأمة الذين يتم اكتشافهم ورعايتهم من داخل المدرسة أولاً وقبل أي شيء .
إن المدرسة هي مركز انطلاق الشرارة الأولى للإبداع واحتضان هذه الشرارة وتعاهدها بالشحذ وتزويدها بالوقود اللازم حتى تنطفي يقع على عاتق المدرسة بما فيها من إدارة ومشرفين ، ويقع بصورة أكثر مباشرة وملامسة على عاتق المعلم الناجح ، ذلك الذي تتعدى رسالته الأدوار التقليدية الشائعة من شرح للمناهج وإكمال للمقرر ، إلى أدوار أخطر وأهم وأشمل ، ويقف على رأس تلك الأدوار تهيئة الوسائل والأسباب التي من شأنها دفع العناصر الطلابية الموهوبة إلى مواقع علمية متقدمة داخل المدرسة ، وذلك وفق آليات وبرامج وممارسات تربوية صحيحة يتعاطاها المعلم وطلبته بتواصل مشهود ومثابرة لافتة يستحق عليها كل الثناء والتقدير .
ولبيان أهم الممارسات التي من شأنها أن تبلغ المعلم تلك الغاية السامية نشير إلى أهم مايلي :
1- تقديم عدد كبير من الأنشطة المنوعة التي تشجع على التفكير الإبداعي .
2- يستخدم التقويم بهدف التشخيص وليس بهدف إصدار حكم نهائي ، وسبب ذلك أن الطالب قد يضعف في بعض الأحيان ، إلا أنه لايكون مؤشرا على تراجع مستوى الطالب الجيد ، ومن هنا : فإن المعلم الناجح هو الذي يتفهم مثل هذه الصور ، ويحاول جاهداً أن يصنع الفرص الحقيقية التي تساهم في تقديم المستوى الحقيقي للطلبة .
3- يتيح الفرص المناسبة التي تمكّن الطلبة من استغلال المعرفة في صورة مبدعة ، وذلك لأن تهيئة فرص حقيقية للتعلم تشحذ عقل الطالب الموهوب ، وتحرّضه على اكتشاف المعرفة من مصادرها المتاحة له .
4- تشجيع التعبير التلقائي : أثبتت التجارب العلمية أن من علامات النبوغ المبكر : القدرة على التعبير بطلاقة وثبات ، والمعلم الناجح هو الذي يتيح المجال لطلابه للحديث الشفوي والتعبير التلقائي في أجواء يسودها الاحترام والقبول .
5- تهيئة أجواء مناسبة داخل الفصل تسهِّل التواصل الإيجابي بين المعلم وتلاميذه .
6- يطرح أسئلة مثيرة للجدل تعمل على استثارة الفكر ، وتحفيز العقل بالبحث والاكتشاف .
7- يفتح المجال لإثارة الأفكار الجديدة ، ولايلجأ إلى تسخيف أي فكرة مهما كانت عفوية وبسيطة .
8- يعلم الطلبة مهارات التفكير الإبداعي ؛ مثل : الأصالة ، والطلاقة ، والمرونة ، وطريقة إيجاد الأفكار الجديدة ، ويحفزهم على التساؤل الذي يدفعهم إلى إيجاد حلول ذاتية مبتكرة .
9- يعزز في الطالب إمكانياته الذاتية ، ويحفزه على إطلاقها وتجريبها فاتحاً المجال للصواب والخطأ ، مركزا على الجانب التجريبي الذي يفسحه ميدان الممارسة للموهبة والطاقة في أجواء تتمتع بالحرية والمرونة ، وتزدهر فيها معاني إثبات الذات والتشجيع التلقائي الذي يشكل دافعاً مستمراً لأداء أقوى وأفضل من قِبل الطلبة المتمتعين بمثل هذه الفرص الجيدة والمشجعة .
وفي الختام : لابد من التذكير والبيان بأن المعلم المبدع أكثر قدرة على تعليم الإبداع ، ورسم خطوطه على أرض الواقع من المعلم التقليدي غير المبدع .
لا يوجد حالياً أي تعليق