تتداخل ظاهرة الاحتراق النفسي للمعلم مع ظواهر أخرى متشابكة ومنها اتجاهات المعلم نحو المهنة، والرضا الوظيفي، وكفايات المعلم، والتفاعل الاجتماعي، والسلطة المدرسية، وربما يعد اتجاه المعلم نحو المهنة Educational attitudies هو المحدد الأساسي لمدى تحمله للمهنة وضغوطها النفسية والجسمية وبالتالي للاحتراق النفسي الذي يواجهه، وثمة اتفاق أن كلمة السر لنجاح المعلم في عمله هي اتجاهاته الإيجابية نحو مهنته، لأن هذه الاتجاهات هي القاعدة التي ينبني عليها معظم النشاطات التربوية. كما أن الاتجاهات نحو مهنته التدريسية هي مفتاح التنبؤ بنموذج الجو الاجتماعي الذي سوف يؤكده المعلم في حجرة الدراسة، وأن الاتجاهات الإيجابية هي ركيزة معظم النشاطات التربوية.
وترتبط اتجاهات المعلم نحو مادته بإعداده الأكاديمي، والاتجاهات التربوية للمعلم انعكاس لوجهة نظره أو معتقداته نحو التدريس، وعلاقة المعلم بالتلميذ، والضبط والعقاب، والممارسات الديموقراطية وممارسات التدريس، ومعينات التدريس، والمنهج. وثمة ملاحظة أساسية في أغلب الدراسات التي تناولت قضية اتجاهات المعلم تشير إلى بروز الاتجاهات التربوية الإيجابية في أثناء فترة الإعداد بكليات التربية، ثم تعود إلى الانخفاض بعد التخرج وممارسة التدريس بسبب العوائق التي يجدها المعلمون في مجال عملهم، والتباعد بين الرؤية اليوتوبية في أذهانهم والواقع المتجسد كما يلمسونه بعد ممارسة العمل.
هناك فروق..
ولاحظت إحدى الدراسات بخصوص التغير في اتجاهات المعلمين النفسية والتربوية وجود فروق بين مجموعات المعلمين في سنوات الخبرة في اتجاههم نحو مهنة التعليم ونحو الدراسات النفسية والتربوية، ويبدو أنه كلما زاد عدد سنوات الخبرة للمعلم فإنها «أي اتجاهات المعلمين» لا تهتم ببرامج النمو المهني والتدريب، بل يتركز الاهتمام نحو الوظائف الإدارية ويقل الأداء التدريسي. وتقول دراسة أخرى لجابر عبدالحميد إن سنوات الخبرة لا ترتبط بدرجات التصرف في المواقف التربوية.
وتشير دراسة ثالثة أجريت حول اتجاهات المعلم الأردني إلى أن اتجاهات طالبات كليات التربية أعلى من اتجاهات الطلاب نحو المهنة، واتجاهات طلاب الأقسام الأدبية أكثر إيجابية من اتجاهات طلاب الأقسام العلمية، كما توصلت إلى زيادة ارتباط المعلمين بمهنة التعليم كلما ازدادت سنوات الخبرة، كما لم نجد فروقاً تذكر بين الخبرة التدريسية للمعلمين واتجاهاتهم نحو المهنة بسبب فقدان المعلم الحرية والحماس لمهنة التعليم كلما زادت خبرته التدريسية، وذلك لعدم تحقيقه المكانة الاجتماعية والاقتصادية اللائقة التي تتمشى مع طبيعة المهنة، بالإضافة إلى الإحباطات المتكررة التي قد يواجهها بشكل متكرر مع طلابه وزملائه ورؤسائه.
ومن أخطر ما توصلت إليه الدراسة أن الإعداد الأكاديمي بمفرده للمعلم ليس كافياً لتكوين اتجاهات إيجابية نحو مهنة التدريس وأنه لابد من توفر الخبرة العملية.
ومن المهم المضي في رفع مستوى الإعداد بكليات التربية العربية، فمستوى الإعداد المرتفع ليس مسؤولاً فحسب عن تكوين اتجاه تربوي إيجابي للمعلم نحو مهنته بل يعينه من ناحية أخرى على تحمل ضغوط العمل والاحتراق النفسي في عمله.
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
منقووووول
لا يوجد حالياً أي تعليق