[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قم للمعلم وفه اتبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا.. شعار أصبح شعارا ولوحة معلقة علي حوائط المدارس.. تعلو بها السنتنا قولا ونعجز عن ترجمتها فعلا.. لم يعد غريبا ان تنقلب الاية فيعتدي الطالب بالضرب علي مدرسه ولم يعد غريبا ان نجد اسرة أحد الطلبة تقتحم المدرسة للنيل من مدرس تجرأ وقام بتوبيخ نجلها.. الصورة اصبحت مقلوبة وفقد المدرس احترامه امام تلاميذه وطلابه لذا سعي وزير التربية والتعليم الجديد الي وضع قضية اعادة هيبة المعلم نصب عينيه في اطار استراتيجيته للارتقاء بالعملية التربوية قبل التعليمية مؤكدا انه لن يدخر جهدا في سبيل تحقيق ذلك وسيضرب بيد من حديد الفوضي والانفلات السلوكي والاخلاقي من اجل غد أفضل نضمن من خلاله جودة تعليمية واخلاقية..في البداية اشاد عدد كبير من المدرسين بالتوجه الذي اعلنه الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم مؤكدين انها خطوة علي الطريق الصحيح لإعادة الاعتبار الي المدرس الذي أصبح " ملطشة " وفقد الكثير من احترامه خاصة بعد تجرده من كافة الصلاحيات التي كانت مخولة له لذا لم يعد غريبا ان تشهد المدارس اعتداءات يومية علي المدرسين في ظل عجز تام من المدرسة عن حمايته ولو تصاعد الامر يقوم الطالب بشكوي المدرس لدي الوزارة مما يؤثر عليه بالسلب لذا يسعي المدرسين الي الخنوع وغض الطرف عن السلبيات التي يرونها منعا للمشاكل فانقلبت الاية واصبح التلميذ في موقع القوي والمدرس الحلقة الاضعف في العملية التعليمية..
يسرد كمال عيد "مدرس" جانب من المعاناة والضغوط التي يتعرض لها المعلمون قائلا "نعمل في ظروف صعبة حيث يتم تكليفنا بما يقرب من 28 حصة أسبوعيا مدة كل واحدة 45 دقيقة في فصول دراسية يزيد عدد طلابها علي 55 طالبا، إضافة إلي مهام أخري مثل الأنشطة الاجتماعية والثقافية ودفاتر أعمال السنة، وفي ظل ذلك يلجأ المدرس أحيانا للقوة لإحكام السيطرة علي الفصل خاصة أن بعض التلاميذ الذين ينتمون لبيئات فقيرة ينشأون في ظل موروث ثقافي يعزز العنف "اللي يضربك اضربه" وفي هذه البيئة العنيفة يصبح معيار القوة هو المسيطر لذا يشهد عدد كبير من المدارس حوادث عنف واعتداء من جانب الطلبة علي المدرسين حيث يرفض الطلبة تنفيذ تعليمات المعلمين ويضربون بكلامهم عرض الحائط ولو تصاعد الامر ليس بغريب ان يتلقي المدرس "علقة ساخنة " لا يستطيع بعدها أن يرفع عينه امام باقي الطلبة.
اما حسام محمد فاكد ان هيبة المعلم لن تعود بين ليلة وضحاها بل تأتي في اطار سلسلة من الخطوات التصحيحية ابرزها الارتقاء بمستوي معيشة المعلمين وضعف رواتبهم التي لا تتواكب مع الغلاء المعيشي الذي نعاني منه في الوقت الحالي والتي تجعل المدرس يضطر الي اللجوء للدروس الخصوصية التي أدت الي كسر هيبة المدرس والتجرؤ عليه من قبل الطلبة فأصبح في نظرهم مجرد سلعة يمكن شراؤها مقابل جنيهات قليلة.
ويضيف: ضغوط الحياة قد تدفع المعلم للغضب أحيانا كنوع من حيل الدفاع النفسي ولا ضيم عندها أن تزداد جرعة الضغوط فتترجم إلي عنف".
فوضي تعليمية
ويشرح خالد موهوب ـ مدرس ـ جانبا من المعاناة التي يعيشها القطاع التعليمي فالأعداد كبيرة والمدرس ضعيف والفصول متهالكة، حتي الإسعافات الطبية شبه منعدمة واقتصادياً يعيش القطاع التعليمي في مصر بكل عناصره ظروفا صعبة للغاية وامتحانات الكادر التي خضناها اتسمت بالفوضي ولا علاقة لها بمهارات التدريس.
مصطفي العوضي - موجه تربوي- تمني ان تستعيد المدرسة هيبتها وان تحتضن طلابها الذين هجروها والارتقاء بالمدرس ماديا ومعنويا وذلك برفع القيمة المادية لكادر المعلم وتصحيح صورته التي شوهها الاعلام في الفترة الماضية مع تطوير الكتاب المدرسي ليستغني به الطالب عن الكتب الخارجية والدروس الخصوصية فالكتاب المدرسي بشكله الحالي يعد اهدارا للمال العام فالطالب يلقي به جانبا فور تسلمه ويعتمد علي الكتاب الخارجي مما يضيع علي الدولة مبالغ طائلة.
عادل علي ـ مدرس ـ طالب بوضع ضوابط صارمة للعملية التعليمية بالمرحلة الابتدائية حتي لا ينتقل تلاميذها للمرحلة الاعدادية وهم لايجيدون القراءة والكتابة واضاف ان بعض المدرسين يكتبون الاجابات علي السبورة لينقلها التلاميذ..واكد ان وقت الحصة نصف ساعة لايكفي لشرح درس كامل مطالبا بمد الوقت المخصص لها.
رفع الاجور
في البداية يتفق الدكتور محمد المفتي أستاذ التربية والمناهج بكلية التربية جامعة عين شمس مع تصريحات د. احمد زكي بدر وزير التربية والتعليم والتي أكد خلالها علي ضرورة عودة الهيبة والمكانة للمدرس مرة أخري بعد أن تم إهدارها علي مدار الأعوام السابقة، ويري الدكتور المفتي أن عودة الهيبة للمدرس مرة أخري مرهون بحزمة من الدعائم التي تجعل المدرس عنصرا فعالا في العملية التعليمية،ويأتي في مقدمة هذه الدعائم ضرورة تمكن المدرس من مادته التخصصية وقدرته علي تنمية الجانب المعرفي والجانب العقلي لطلابه، كما ينبغي علي المعلم أن يتمسك أيضا بأخلاقيات مهنة التعليم والتزامه بميثاق شرف المعلم والذي يتضمن تحلي المعلم بقيم مجتمعه ومراعاته للموضوعية في معاملة طلابه وتلاميذه بحيث يلتزم الحياد ولا يفرق بين الطلاب علي أساس المستوي الاجتماعي أو الاقتصادي أو قدرات الفهم والاستيعاب.
وينادي د. المفتي بضرورة اتخاذ إجراءات جادة من قبل وزارة التربية والتعليم لمنع الدروس الخصوصية حتي تظل صورة المعلم أمام طلابه صورة ايجابية تعكس دوره كمرب للنشء يعلمهم الصواب ويصحح لهم الخطأ، كما ينبغي علي المدرس أن يلتزم بمبدأ الثواب والعقاب بعيدا عن العقاب البدني والعنف في التعامل مع الطلاب ليستطيع بذلك أن يؤدي رسالته ويستعيد مكانته المرموقة بين المهن الأخري.
يؤكد الدكتور محمد عبد الظاهر أستاذ التربية والعميد السابق لكلية التربية جامعة طنطا، ان "رفع أجور المعلمين " هي المفتاح السحري الذي سيحل كل مشكلات المدرس، وترفع من شأنه وتعلي من كرامته، وتعيد اليه هيبته، فكيف يطلب من شخص يتقاضي 150 جنيها بموجب عقد "بالحصة " او عقد متميز يتقاضي بموجبه 300 جنيه ان يؤدي رسالته علي اكمل وجه ؟! وان تخرج من تحت يديه اجيال تحمل علي عاتقها هموم الوطن .فاذا كان المدرس يعاني من عدم الاكتفاء "المادي " فكيف يربي نشئا علي القيم والمبادئ، اذا كان يمد يده الي تلاميذه، فاغلب المدرسين يلجأون الي تعويض هذا النقص المادي من "جيوب الطلاب" من خلال الدروس الخصوصية التي تحط من قيمة المدرس، فتجعله يتجول علي المنازل ومراكز الدروس، ليجمع "قوت يومه"، وفي هذه الحالة يكون المعلم في موقف "الأضعف" والتلميذ هو الاقوي، والمحصلة النهائية لذلك حدوث شرخ كبير في العلاقة بين المدرس وتلاميذه، فيغيب الاحترام وتضيع مقولة " قم للمعلم وفيه التبجيلاً كاد المعلم لن يكون رسولا ", فعند تحقيق الاكتفاء الذاتي للمدرس الي الحد الذي يجعله لا يبحث عن مصادر غير مشروعة لزيادة دخله، فستعود الي المدرس هيبته.
ويضيف ان كادر المعلمين لم يحل مشكلة المدرسين القدامي ولكنه اضاف بعض الجنيهات التي لن تمنع المدرسين من البحث عن مصادر اخري للكسب، هذا بالاضافة الي ضياع هيبة المدرس من خلال امتحانات الكادر التي جعلت المدرسين يجلسون علي مقاعد التلاميذ، يؤدون الامتحانات، بالإضافة إلي افتقاد التدريب الذي يغيب عن اغلب المعلمين، والذي يظهر بموجبها المدرس غير ملم بمجريات الامور، وليس لديه معلومات وثقافة، فتنحط صورة المدرس في نظر تلاميذه، موضحا ان هيبة المدرس لاتستعاد بالقوانين، فالتقويم الشامل يضع في ايدي المدرس 50 ٪ من مجموع الدرجات، لذلك يجب الاهتمام بهؤلاء وتحقيق مطالبهم المادية ليكون التقويم قائم علي اساس الشفافية والنزاهة.
ويشير انه لكي يستعيد المدرس هيبته لابد من النظر الي مهنة التدريس علي انها مهنة وليست وظيفة، فاذا كان هناك عيوب في كليات التربية فيجب اصلاحها، حتي لانقتل المريض للقضاء علي المرض، فمهما كانت العيوب في الكليات التربوية وفي خريجيها فلابد من معالجتها، فلابد ان تكون كلية الطب هي التي تنجب اطباء وكلية الشرطة تخرج ضباط شرطة، وكذلك لابد ان تكون كليات التربية هي التي تفرز للمجتمع مدرسين.
اصلاح التعليم
اما الدكتور عبد الرؤوف الفقي استاذ التربية بجامعة طنطا فقد أكد أن المعلم والمعلمة يعدان العامل الرئيسي في أي نظام تعليمي، الأمر الذي جعل الاهتمام بهما مدخلا من المداخل الأساسية لإصلاح التعليم، وإذا كانت العملية التعليمية تضم العديد من العناصر كالمناهج والمباني والتجهيزات والتلاميذ وأدوات القياس والتقويم إلا أن للمعلم وضعاً خاصاً.
وأضاف انه للاسف الشديد أن العلاقة الحميمة والأمن مفقودان بين المعلم وطلابه، وعلي المعلم أن يراجع سلوكه وطريقة تعامله مع طلابه والعكس صحيح بان يعود الاحترام والهيبة للمعلم حتي يستطيع القيام بمهمته التربوية والتعليمية.
لغة الحوار
ويضيف: لغة الحوار غابت الامر الذي اثر سلبا علي التعليم، حيث ان الطالب لا يجد لغة حوار بين الاهل وذلك في ظل الحالة الاقتصادية السيئة، ولم يعد يعلم ما هي لغة الحوار حيث ان الاسرة اصبح صوتها عاليا والحوار اصبح منعدما، الامر نفسه اثر علي العملية التعليمية، حيث ان المعلم ما هو الا مواطن يعاني الحالة الاقتصادية تؤثر عليه بشكل كبير، وهذا بالطبع يجعل حالته عصبية بصفة دائمة، الامر الذي يجعله لا يستخدم اسلوب الحوار في حديثه، ويعتمد علي الشدة كما فقد المعلم هيبته، بعد ان اعتمد علي الدروس الخصوصية، مما جعله تحت سيطرة الطالب الذي يدفع له، واحيانا يمد عليه يده، بسبب انه لم يعد قدوة له مما جعل الحوار بينه وبين الطالب منعدما، وحل محله لغة العنف بصورة واضحة، وكل ذلك انعكس علي حالة المجتمع بأسره.
ومن جانبه يري د. عصام السيد الاستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية ان العقاب البدني مطلوب كوسيلة لضبط سلوك الابناء، في الاسرة والمدرسة علي حد سواء، كما ان الاسرة والمدرسة تتفقان في تدرج اساليب العقاب، وان هناك اتفاقا مشتركا في تدرج اساليب العقاب، وإن كان هناك اتفاق مشترك علي استخدام الضرب البدني في عقاب الابناء داخل الاسرة وداخل المدرسة.
ويري د. عصام ان هذا لا ينفي ان لغة الحوار قد انحسرت في اقل القليل، ولم يعد لها مكان واضح بين الطالب والمعلم، والعجيب في الامر انها لم تعد موجودة ايضا بين المعلم وزميله، ولا بين الطالب وزميله، وكل هذا يعود الي صخب الحياة، وان المعلم اصبح يباع ويشتري ولم يعد مقدسا كما كان من قبل.
مستوي المسئولية
ويؤكد الخبير التربوي معتز العاصي انه لا يمكن ان يتقدم التعليم ما لم تعد للمعلم هيبته، وعلي القائمين علي التعليم أن يكونوا علي مستوي المسئولية وملمين بالواقع ومدركين لهموم المعلم وآماله، ولا ينتظر ذلك ممن لا تهمهم المؤسسة التعليمية إلا بالقدر الذي يستفيدون منها ماديا أو معنويا وبشكل نفعي وبطرق انتهازية دنيئة، هذه النوعية من الموظفين التي تضحي ولكن بأهداف المؤسسة التعليمية ومصلحتها العامة وسمعتها في سبيل ما يتحقق لها من محسوبيات ومصالح شخصية ينعكس أثرها علي نوعية مدخلات التعليم ومخرجاته، وتردي تأهيلهم، وانتقال عدوي النفعية والانتهازية والمحسوبية الي الأجيال التي تتخرج في مثل هذه المؤسسات وعلي يد هذه النوعية من المسئولين، ومما يؤسف له ان هؤلاء يشكلون عقبة دون وصول الحقيقة لولاة الأمر في بعض الإدارات، حيث تتكاتف جهودهم لحجبها عنهم، ويسلكون وسائل شتي لتشكيل سد منيع أمام كل محاولة لتجليتها وإظهارها دون لبس أو تزييف.
ويضيف الخبير التربوي " مصيبتنا في التعليم كبيرة جدا عندما تغيب أخلاقه وآدابه وقيمه ولا سيما عند القائمين عليه، وعلي قدر تقدير المجتمع للمعلم وحفظ كرامته وهيبته - ولا سيما لدي طلابه - بقدر ما يضمن جودة إنتاجه وبالتالي رقي المجتمع وتقدمه في نهاية الأمر.
ومما يجب التنويه به وعدم إغفاله هو مسئولية المعلم نفسه عن حفظه لمكانته وقوة شخصيته والحفاظ علي هيبته بين طلابه ومجتمعه، وما لم يحترم الإنسان نفسه فعليه ألا ينتظر من الآخرين أن يحترموه. إن بعض الممارسات التي لا تليق بالمعلم تسيء للمعلمين وتذهب هيبتهم واحترام غيرهم لهم.
ومن جانبه اكد الدكتور مصطفي عوض استاذ الاجتماع بجامعة عين شمس علي ضرورة اعادة الهيبة والمكانة الطبيعية للمدرس مرة اخري حتي يستطيع اداء عمله وتوصيل رسالته للنهوض بالعملية التعليمية، مشيرا الي ان من اهم العوامل التي تساعد علي عودة هذه الهيبة هو عودة التواصل مرة اخري بين الاسرة والمدرسة، خاصة بعد ان شهدت العلاقة بين هاتين المؤسستين توترا حادا خلال الفترة الماضية، وظهرت في صورة اعتداءات من الجانيين سواء بالضرب او الاغتصاب وغيرها من الجرائم التي لم نكن نسمع عنها من قبل، سواء بين المدرسين والتلاميذ او بين اهالي التلاميذ والمدرسين او بين المدرسين ومديري المدارس .
ويطالب الدكتور عوض بضرورة الغاء الدروس الخصوصية التي تعتبر العائق الاكبر في طريق النهوض بالعملية التعليمية، موضحا ان هذا الالغاء ياتي بعد القيام بتفريغ المناهج من الحشو والكلام الزائد الذي لا فائدة له، ومن ثم يقوم الطالب بتوظيف قدراته العقلية ومهاراته في الاستيعاب، وبذلك يستغني عن المدرس "الخصوصي".
ورقة ضغط
ويري الطلاب بأنه يجب علي المعلمين عدم استخدام ورقة الدروس الخصوصية للضغط علي التلاميذ في المدرسة، وأن يتم توزيع الدرجات وفقا لمستوي الطالب الحقيقي وقدراته ومدي مشاركته في الحصة الدراسية وليس وفقا للدروس الخصوصية عند مدرس الحصة، وهذا ما أكده محمود مصطفي طالب الصف الأول الثانوي مشيرا إلي انه في الفترة الحالية تراجع دور المدرسة كثيرا عن أداء دورها التعليمي لدرجة ان معدلات الغياب زادت كثيرا سواء في الشهور العادية أو الشهور التي تسبق امتحانات الفصلين الدراسيين، ويتفق معه رامي جمال طالب بالصف الثاني الثانوي قائلا: المدرس أصبح دمية في يد الطلاب لدرجة أنه قد يتشاجر مع أحد التلاميذ صباحا في المدرسة ويسمح بضياع حقه حرصا علي عدم فقدانه الدرس الخصوصي لهذا التلميذ في المساء، ويضيف بأن العلاقة بين الأسرة والمدرسة تدهورت كثيرا وأصبح كل طرف في واد، ومن ثم أصبح لازما تفعيل هذه العلاقة مرة أخري وضرورة عودة مراقبة أولياء الأمور لأولادهم من خلال متابعتهم وسؤال المدرس بصفة مستمرة عن مستواهم ومدي تقدمهم في الناحية التعليمية.
جريدة الأحبار